المقالات الثلاثة ضد الاريوسيين – القديس البابا اثناسيوس
يقدَّم القديس أثناسيوس في المقالة الأولى، ملخصَّا لتعليم البدعة الآريوسية كما جاءت في كتاب «الثاليًا» تأليف آريوس، ثم يقدَّم دفاعًا عن تعليم مجمع نيقية المسكونى الأول ضد الآريوسية ، بأن المسيح ابن الله هو أزلَّي وغير مخلوق وغير متغيَّر، وعن وحدة الجوهر أو المساواة فى الجوهر الواحد الآب والابن، كما يفَّند اعتراضات الآريوسيين على هذا الإيمان النيقاوى الأرثوذكسي. وبعد ذلك يتناول بالشرح والبحث بعض نصوص الكتاب المقدس التي كان الآريوسيون يحرِّفون معناها للطعن في ألوهية المسيح، فيقدِّم شرحًا مفصلاً ودقيقًا للنصوص الكتابية مبرهنًا بواسطتها على صحة إيمان الكنيسة بألوهية المسيح. فتناول بالشرح الآيات في (فيلبى 9:2، 10) «لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا، ومزمور7:45، 8 «من أجل ذلك مسحك الله إلهك»، و (عبرانيين 4:1) «صائرًا أعظم من الملائكة..».
وفى المقالتين الثانية والثالثة يُكمل شرح النصوص: (عبرانيين 2:3)، (وأعمال 36:2)، (وأمثال 22:8) ونصوص من إنجيل يوحنا حول بنَّوة المسيح لله وعلاقة الابن بالآب والنصوص (متى 18:28)، (يوحنا53:3)، (مرقس32:13)، (لوقا52:2)، (متى39:26، يوحنا27:12) حول تَجسَّد المسيح.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المقالات قد صارت هي المصدر الرئيس الذي ظَّل المدافعون عن ألوهيه المسيح ينهلون منه على مدى القرون الماضية وحتى الآن. وقد استطاع ق. أثناسيوس بقدرته المتَّزنة الثابتة على الإمساك بالحقائق الأولية خاصة فيما يتعلَّق بوحدة جوهر الله، وببنَّوة المسيح الحقيقية الطبيعية للآب، وقدرته على النفاذ إلى اعتراضات الآريوسيين وتحليلها ودحضها، وبتتبعه للمنطق الآريوسى إلى نهاية نتائجه، استطاع ق.أثناسيوس أن يبيَّن أن الآريوسية هي في الواقع فلسفة متناقضة مضَّادة للعقل ومضادة للتقوى معًا.
وأهم ما يُلفت النظر فى هذه المقالات هو تركيز القديس أثناسيوس الثابت والشديد علي «الجانب الخلاصى» وهو يدافع عن ألوهية المسيح. فهو يؤكد على الأهمية القصوى لألوهيته كي ننال نحن ثمر الفداء ونوال النعمة المخلِّصه، ولأجل معرفة الله التي تُوهَبْ لإنسان الخاطئ، بواسطة المسيح (انظر مقالة 35:1، 50:49، ومقالة 67:2، 69،70).
فمن الواضح أن تعليم القديس أثناسيوس اللاهوتى إنما يرتكز على أساس عقيدة الفداء: أى أن شركتنا مع الله، ونوالنا التبني كأبناء لله ما كان ممكنًا أن يتحقق لو لم يعطنا المسيح مما هو خاص به (مقالة16:1).